الكتاب من تأليف أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ)
والمفترض فى الرسالة ان تكون عن الكتابة حروفا وأدواتا وكيفية الكتابة ولكنها رسالة لغوية تشرح فقط المعنى اللغوى لكلمات متعلقة بالكتابة وأحيانا لا تشرح المعنى بل تذكر ألفاظ ومشتقات وأول الكلمات القلم حيث قال أبو محمد المذكور:
” القلم:
يسمى القلم الذي يكتب به قلما لأنه قلم وقطع ومنه قلمت أظفاري ومنه قيل قلامة الظفر لما يقطع منه وقال غيره: يقال للشيء الذي يقلم به مقلم
قال ابن قتيبة: وقد تسمى القداح أقلاما وإنما سميت بذلك لأنها تبرى قال الله عز وجل: (إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم) قال: كانوا تشاحوا في كفالتها فضربوا عليها بالقداح فخرج قدح زكريا فكفلها وقال عبد الله بن عبد العزيز: كل قصبة قطعت منها قطعة فالقطعة قلم وكل عود نجر وعلم رأسه بعلامة فهو قلم وقال في قوله عز وجل: (إذ يلقون أقلامهم) : جاء في التفسير أنها كانت عيدانا مكتوب على رؤوسها أسماؤهم وجمع القلم: أقلام وقلام مثل جبل وجبال ”
وما قيل هنا هو بناء على القلم الخشبى والقلم يطلق على أداة الكتابة التى قد تقطع وتبرى بالقاطع أى المبراة وقد تطلق على ما لا يبرى مثل الريشة التى تسمى ريشة الكتابة وقد تطلق على أصناف من الأدوات لا علاقة بالقطع مثل الأقلام ذات الحبر الجاف والحبر الطرى المسمى أقلام الحبر
وأما كون الأقداح بمعنى الأقلام فأمر مستبعد خاصة أن المقترعين على كفالة مريم(ص) كانوا علماء أى أحبار أى كتبة
والمفترض أن يتناول الكاتب ما جاء فى الوحى عن القلم مثل كونه أداة التعليم كما قال تعالى ” الذى علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم”
ومثل كونه يحتاج إلى مداد أى مادة للكتابة يزود لها كما قال تعالى : “ولو أنما فى الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم”
لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مدد
ثم تناول برى القلم فقال:
“البري ووجوهه:
قال أبو عبيدة: لا يقال للقلم (قلم) حتى يبرى وإلا فهو قصبة ولا يقال للرمح (رمح) إلا وعليه سنان وإلا فهو قناة ولا يقال للمائدة (مائدة) إلا وعليها طعام وإلا فهي خوان ولا يقال للكأس (كأس) إلا وفيها شراب وإلا فهي زجاجة ولا يقال للسرير (أريكة) إلا وعليها حجلة وإلا فهي سرير ويقال من البري: بريت القلم أبريه بريا وبراية وقلم مبري غير مهموز فأنا بار للقلم ويقال لما يسقط منه عند البري (براية) على وزن فعالة والفعالة اسم لكل فضلة تفضل من شيء قليل أو كثير كالقمامة والكساحة والجرامة: وهو اسم لما بقى من كرب النخل فإذا أمرت من البري قلت: إبر قلمك بريا جيدا وبراية جيدة قال الشاعر:
يا باري القوس بريا ليس يحكمه لا تفسد القوس، أعط القوس باريها
وأصل البري الترقيق الإرهاف ومنه قيل: برت العلة جسم فلان إذا أنحلته لأن باري القلم يرق موضع سنه عن سائره
وتقول: قططت القلم أقطه قطا إذا قطعت سنه والأصل في القط القطع ومنه يقال ضربه على مقط شعره وهو حيث يقطع شعر الرأس من القفا ويقال للعود الذي يقط عليه القلم: مقط وجمعه مقاط وأنشد:
رابي المجس جيد المخط
كأنما قط على مقط
وتقول: قلم مقطوط وقطيط مثل مقتول وقيل وأنا قاط والأصل: قاطط كقولك: ضربت وأنا ضارب فأدغمت إحدى الطاءين في الأخرى فإذا أمرت منه قلت: قط قلمك وإن أظهرت التخفيف قلت: اقطط قلمك وتقول: قصمت القلم أقصمه قصما وهو مقصوم وأصل القصم الكسر ومنه قولهم: انقصمت ثنيته إذا انكسرت من عرضها ويقال: ثنية قصماء ورجل أقصم وامرأة قصماء فإن انكسرت الثنية طولا فهو أنقص وقد انقاصت ثنيته ويقال لسن القلم: الجلفة وهي مؤنثة مأخوذ من سن الإنسان وإذا تركت شحمه عليه ولم تأخذه قلت: أشحمت القلم فهو مشحم وإذا أخذت شحمه قلت شحمته أشحمه شحما وهو قلم مشحوم وإن استأصلت شحمه وأخذت من بطنه قلت: قلم مبطن وقد بطنته تبطينا ويقال للشحمة التي في رأس القلم: الضرة شبهت بضرة الإبهام فإذا أخذت الشحمة قيل لموضعها: الحفرة وهو قلم محفور ويقال: قلم مذنب إذا بريت له سن غليظة غير مشقوقة تصلح بها اللقية وقد ذنبت القلم تذنيبا؛ لأنه مفعول به وليس كقولهم: بسرة مذنبة لأن التذنيب ظهر منها فنسب الفعل إليها وكذلك: جرادة مذنبة وفرس ذنوب: إذا كان طويل الذنب وقلم ذنوب: طويل الذنب ”
كعادة الكثيرين من الكتاب عندما يكتبون فيستطرودون ويبتعدون نجد ابن قتيبة يقول أقوال مثل ” ولا يقال للرمح (رمح) إلا وعليه سنان وإلا فهو قناة ولا يقال للمائدة (مائدة) …وعليها حجلة وإلا فهي سرير ….والأصل في القط القطع ومنه يقال ضربه على مقط شعره وهو حيث يقطع شعر الرأس من القفا …. فأدغمت إحدى الطاءين في الأخرى ….وأصل القصم الكسر … وقد انقاصت ثنيته”
فتلك الأقوال لا علاقة لها ببرى القلم وكان من المفترض أن يتناول البرى مثل لقاطع مفرد أو لما يسمى البراية التى هى أداة تم اختراعها لبرى القلم الخشبى
قم نحدث عن الدواة فقال :
“الدواة:
تقول العرب: دواة ودياة ودوي ودوى مقصور وهو الجمع الكثير قال الشاعر:
دع الأطلال يندبها السوي ويبك على مغانيها الولي
وترقشها السواري والسوافي كما رقشت مهارقها الدوي
وتقول: أدويت دواة أي: اتخذت دواة وأنا مدو وإذا أمرت غيرك قلت: إدو يا فلان ويقال للذي يبيع الدوي: دواء كقولك: تبان وشعار وخياط ويقال للذي يعمل الدوي: مدو كما يقال للذي يصلح القنا: مقن قال الراجز:
كما أقام درءها المقني
ويقال للذي يحمل الدواة: داو كما يقال للذي يحمل السيف: سائف، والذي يحمل الرمح: رامح، والذي يحمل الترس تارس ”
كالعادة أكثر من نصف الكلام لا علاقة له بالدواة التى يغمس القلم فيها مثل وإذا أمرت غيرك قلت: إدو يا فلان ويقال للذي يبيع الدوي: دواء كقولك: تبان وشعار وخياط ويقال للذي يعمل الدوي: مدو كما يقال للذي يصلح القنا: مقن قال الراجز:
كما أقام درءها المقني”
ثم تناول الليقة وهى صوفة أو قطنه توضع فى الدواة لتمتص الحبر فى الدواة حتى إذا مالت الدواة أو وقعت لا يضيع كل الحبر على الأرض فقال:
“الليقة:
يقال للصوفة والقطنة التي تكون في الدواة: ليقة وتجمع ألياقا وإنما سميت: ليقة؛ لأنها تحبس ما جعل فيها من السواد وتمسكه، مأخوذ من قولهم: “فلان ما تليق كفه درهما” أي: ما تحبسه فتمسكه وكف ما يليق بها درهم أي: ما تحبس ولا تستمسك قال الراجز:
كفاك: كف ما تليق درهما
جوادا، وكف تعط بالسيف الدما
وروى أبو العباس محمد بن يزيد المبرد قال: دخل الأصمعي على الرشيد بعد غيبة غابها فقال: كيف حالك يا أصمعي؟ فقال: يا أمير المؤمنين ما ألاقتني أرض أي ما حبستني حتى خرجت عنها فأمسك الرشيد فلما تفرق أهل المجلس قال له: ما معنى ألاقتني؟ قال: حبستني فقال الرشيد: لا تكلمني في مجلس العامة بما لا أعلم وتقول: ألقت الدواة فهي ملاقة ولقتها فهي مليقة إذا جمعت مدادها في صوفها وقطنها وقولهم: “ما يليق هذا الأمر بصفري” أي: قلبي أي ما يمسكه ويجتمع فيه وأنشد العامري:
لعمرك إن الحب يا أم مالك بجسمي جزاني الله منك للائق
ويقال: لقت الدواة وهي مليقة هذا إذا أصلحتها وزدت في سوادها فأما إذا لم تكن فيها ليقة فجعلت فيها ليقة فألقتها بالألف لا غير وإذا أمرت من ألقت قلت: ألق دواتك بقطع الألف إلاقة وأنت مليق وإذا أمرت من قولك: “لقت” قلت: لق الدواة ليقا جيدا وأنت لاق وقد أمهت الليقة أميهها إماهة فأنا مميه لها إذا أكثرت ماءها وقد ماهت فهي تماه وتموه وهي مائهة إذا كثر ماؤها
ويقال: صفت الدواة أصوفها صوفا: إذا جعلت فيها ليقة من صوف وكرسفتها أكرسفها كرسفة وكرسافا إذا جعلت فيها ليقة كرسف وهو القطن ”
وكما هى العادة استطرد فقال مأخوذ من قولهم: “فلان ما تليق كفه درهما” أي: ما تحبسه فتمسكه …. فقال الرشيد: لا تكلمني في مجلس العامة بما لا أعلم…. وقولهم: “ما يليق هذا الأمر بصفري” أي…منك للائق”
فنصف الكلام هنا تقريبا لا علاقة له بموضوع الكتاب ثم تناول المداد وهو ما نسميه الحبر فقال :
“المداد:
يقال هو المداد وهي المداد لأنه جمع مدادة وكل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء فإنه يذكر ويؤنث مثل غمامة وغمام وحمامة وحمام وشجرة وشجر ويقال: مددت الدواة أمدها مدا وهي دواة ممدة إذا جعلت فيها مدادا فزدت فيها مدادا آخر تقول: أمددتها إمدادا فهي ممدة وكل شيء يزيد في شيء بنفسه فإنه يقال فيه: مده يمده قال الله تعالى: (والبحر يمده من بعده سبعة أبحر) فإن كان الشيء يزيد في الشيء بغيره فهو بالألف يقال: أمددته بالرجال وبالمال قال الله تعالى: (وأمددناكم بأموال وبنين) ويقال لما أمد به السراج من الزيت: مداد وكل شيء أمددت به شيئا فهو مداد ومنه أخذ اسم المداد وأنشد الأخطل:
رأت بارقات بالأكف كأنها مصابيح سرج أيدت بمداد
أي: بزيت فسماه مدادا لأن السراج يمد به فهذا دليل على ما قلناه وتقول: استمدد من الدواة إذا أمرته أن يأخذ على القلم مدادا واستمدد فلانا إذا سألته أن يجعل على قلمك مدادا فيقول: قد أمددتك إمدادا وتقول: أمدني على قلمي مدادا وأمدني من دواتك أي: أمكني من مدادها فأستمد منه فإذا قطر من رأس القلم شيء من المداد قيل: رعف القلم يرعف وهو قلم راعف فإذا أخذت مدادا فقطر قلت: أرعفت القلم إرعافا وهو قلم مرعف وتقول: استمدد ولا ترعف أي لاتكثر المداد حتى يقطر القلم
الحبر
يقال للحبر: اللون يقال: إن فلانا لناصع الحبر يراد به اللون الناصع الصافي من كل لون قال ابن أحمر:
سبته بفاحم جعد وأبيض ناصع الحبر
يريد سواد شعرها وبياض لونها
ويقال: فلان قد ذهب حبره وسبره فالحبر: الحسن والسبر: الثياب والهيئة وقال الأصمعي: إنما سمي حبرا لتأثيره يقال: على أسنانه حبر إذا كثرت صفرتها حتى تضرب إلى السواد والحبر: الأثر يبقى على الجلد من الضرب يقال: قد أحبر جلده إذا بقي به أثر بضرب وأنشد:
لقد أشمتت بي أهل فيد وغادرت بكفي حبرا بنت مصان باديا
قال أبو العباس: وأنا أحسب أنه سمي بذلك لأن الكتب تحبر به أي تحسن وقال الأموي: إنما سمي الحبر حبرا لأن البليغ إذا حبر به ألفاظه وأتم بيانه أحضر معاني الحكم آنق من حبرات اليمن ومفوفات وشي صنعاء ”
وعادة الاستطراد لغير الموضوع فى الفقرة هى” يقال هو المداد وهي المداد لأنه جمع مدادة وكل جمع ليس بينه وبين واحده إلا الهاء فإنه يذكر ويؤنث مثل غمامة …السراج يمد به فهذا دليل على ما قلناه”ومثل”يقال: إن فلانا لناصع الحبر يراد به اللون الناصع الصافي
….بكفي حبرا بنت مصان باديا”
وكما قلنا ما يذكره لا علاقة بموضوع الكتاب والمفترض أن يتناول هنا أنواع المداد ومواد تصنيعه وليس مجرد تعريفه لغويا
قم تكلم عن لفظ الكتاب فقال :
“الكتاب:
قال أبو عبيدة وغيره من أهل اليمن: يسمى الكتاب كتابا لتأليف حروفه وانضمام بعضها إلى بعض وكل شيء جمعته وضممت بعضه إلى بعض فقد كتبته قال الشاعر:
لا تأمنن فزاريا خلوت به على قلوصك واكتبها بأسيار
أي: ضم شفري حيائها واجمعهما وتقول: قد كتبت الكتاب كتبا وكتابا وكتابة ومكتبة إذا جمعت بين حروفه وضممت بعضها إلى بعض وأنا كاتب والجمع: كاتبون وكتاب وكتبة وكتب
ويقال للخيل إذا جمعت وضم بعضها إلى بعض: كتيبة ويقال: كتب الرجل إذا خط وأكتب يكتب إكتابا إذا صار حاذقا بالكتاب ويقال: أتيت فلانا فأكتبته إذا وجدته كاتبا كقولهم: أبخلته: وجدته بخيلا وأسخيته: وجدته سخيا ويقال: قد استكتب فلان: إذا ادعى أن يكون كاتبا والمكتب: المعلم والمكتب: الموضع الذي يكتب فيه والمكتب: الموضع الذي يتعلم فيه الكتابة وتقول: قد كتبت الغلام أكتبه تكتيبا وأكتبته إكتابا إذا علمته الكتابة وتقول: قد كاتبت فلانا أي: خايرته فكتبته أي: غلبته في جودة الخط فكنت أكتب منه فهو مكتوب كقولك: فاخرته ففخرته أي: فكنت أفخر منه وفاطنته ففطنته أي: كنت أفطن منه ويقال للحافظ العالم: الكاتب ومنه قول الشاعر:
أوصيت بالحسناء قلبا كاتبا
وزخرفته: إذا حسنته وزينته ونمقته
وأنشد المرقش:
الدار وحش والرسوم كما رقش في ظهر الأديم قلم
وبهذا البيت سمي المرقش
وتقول العرب: زبرت الكتاب أزبره زبرا وزبورا إذا كتبته والزبر: الكتب واحدها زبور وهو فعول في موضع مفعول كما قالوا: ناقة ركوب حلوب أي: مركوبة ومحلوبة وقد يكون زبور بمعنى زابر أي: كاتب كقولك: ضارب وضروب قال امرؤ القيس:
أتت حجج بعدي عليها فأصبحت كخط زبور في صحائف رهبان
أي: بخط كاتب وقال أبو ذؤيب:
عرفت الديار كرقم الدوا ة يزبره الشاعر الحميري
أي: يكتبه ومن رواه: يذبره بالذال أراد: يقرؤه وقوله: كرقم الدواة أي: بالكتابة بالدواة قال الله عز وجل: (كتاب مرقوم) وقال الشاعر:
سأرقم بالماء القراح إليكم على نأيكم إن كان للماء راقم”
نفس عادة الاستطراد مثل ” وكل شيء جمعته وضممت بعضه إلى بعض فقد كتبته قال الشاعر:
لا تأمنن فزاريا خلوت به على قلوصك واكتبها بأسيار
أي: ضم شفري حيائها واجمعهما”
والمفترض بكتاب يتناول الخط والقلم ان يتناول الكتاب ظاهريا مثل تكونه من ورقات وغلاف وعنوان و باطنيا وهى أصول الكتابة ولكنه تناول حذر كتب اللغوى ولم يفدنا بشىء
ثم تناول شىء من فنون الكتابة وهو المط فقال :
“المط:
المط في الكتاب والمد سواء تقول: مططت الحرف أي: مددته وهو حرف ممطوط وأنا ماط والأصل: ماطط على وزن فاعل أدغمت إحدى الطاءين في الأخرى فإذا أمرت قلت إذا أدغمت: مط حروفك يا فتى والطاء والتاء والدال يتعاقبن فجعل بعضهن مكان بعض لأنهن مهجورات متقاربات المخارج من الفم ومنه يقال: متتت إلى فلان بكذا وكذا أي: مددت إليه به فالتاء في موضع الدال لقربها منها ”
والسطور الستة خمسة منها لا علاقة لها بالكتابة وإنما كلام لغوى ثم تناول شىء من فنون الكتابة وهو التطليس فقال:
“التطليس:
والتطليس في الكتاب مثل الترميد والاسم الطلسة وإنما أخذ من الطيلساء ممدود وهي لون الليل ومنه قيل للطيلسان الأزرق: طيلسان قال الشاعر:
ألا روائد في المحلة بينها كالطيلسان من الرماد الأزرق
ومنه قيل: ذئب أطلس وهو الذي يشبه لونه لون الرماد ”
الفقرة بأكملها لا تعرفنا معنى التطليس ولا حتى الترميد الذى شبهه به ومعناه حسب المعاجم فساد الخط أو محو الكتابة مع بقاء أجزاء منها فى الصفحة دون محو
ثم تناول القرطاس فقال :
“القرطاس
تقول العرب: قرطاس وقرطاس وقرطاس ثلاث لغات وقرطس وقراطس مثل: درهم ودراهم
وتقول: قد تقرطست قرطاسا: إذا كتبت في القرطاس وأنا مقرطس بقرطاس
وتقول: قد قرطسنا فلان إذا أتى بقرطاس ”
مفس الخبل السالق فلا يوجد تعريف للقرطاس وإنما هو رص كلام لغوى والقرطاس هو الصفحة أو ورقة الكتابة كما قال تعالى “ولو نزلنا عليك كتابا فى قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين”
فالمكتوب وهو الكتاب يكون فى ورقة
ثم تناول السحاة فقال:
“السحاة
تقول: سحاة وسحا: قشر تقول: أسحيت الكتاب أسحيه إسحاء: إذا جعلت عليه سحاة وإذا أمرت قلت: أسح كتابك أي: اجعل عليه سحاة، وهو كتاب مسحى وإذا أمرت قلت: سح كتابك وتقول: سحوت القرطاس أسحوه سحوا وسحيته أسحاه سحيا إذا أخذت منه سحاة وهو قرطاس مسحو من قولك: سحوت ومسحي من قولك: سحيت وأصل السحو: القشر ومنه يقال: سحوت الطين عن رأس الدن: إذا قشرته ومنه سميت المسحاة مسحاة لأنها تقشر الأرض وجمع السحاة: سحاءات وسحاء وجمع السحاية: سحايات وسحايا ”
كلام لغوى يحتاج لمن يشرحه وكان يكفيه أن يقول السحاة الممحاة أى الأداة التى تمحو الكتابة من الورقة وقد وجدت فى المعاجم شىء واحد وهو أن السحاية هى القرطاس نفسه
ثم تناول التراب فقال:
“التراب
تقول: أتربت الكتاب أتربه إترابا وتربته تتريبا إذا ألقيت عليه التراب وإذا أمرت قلت: أترب كتابك إترابا جيدا وتربه تتريبا وكتاب مترب من قولك: أتربت ومترب من قولك: تربت وتقول إذا ألقيت عليه الأشارة وهي ما ألقاه الميشار: أشرت أؤشر تأشيرا ”
لا أدرى ما علاقة نشارة الخشب بتتريب الكتاب الذى يعنى فى مفهومى العام إلقاء التراب وهو ذرات الغبار على الكتاب ؟
ثم ذكر العنوان فقال :
“العنوان
تقول العرب: هو عنوان الكتاب وعنيانه وقد معنون وعننته تعنينا وهو كتاب معنن ويقال: عنوان كل شيء أثره قال حسان بن ثابت:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
أي: أثر السجود بين بوجهه وجمع العنوان: عناوين ”
هل فهم القارىء معنى العنوان من هذا الكلام ؟
لا أعتقد فالعنوان هو اسم الكتاب الدال على موضوعه الذى يتحدث عنه
ثم تحدث عن الطين فقال :
“الطين:
تقول: طنت الكتاب أطنته طينا مفتوح الطاء إذا جعلت عليه طينا وهو كتاب مطين وأنا طائن وإذا أمرت قلت: طن الكتاب طينا جيدا قال الشاعر:
وعن الكتاب إذا أردت جوابه وطن الكتاب لكي يسر ويكتما
فإذا أعدت الطين مرة بعد مرة على الكتاب أو غيره قلت: طينته تطيينا وهو مطين ويقال للذي يجعل فيه الطين: مطينة ”
لن يفهم القارىء شىء عن علاقة الطين بالكتاب من خلال هذه الفقرة فبدلا من ان يقول الكاتب أن التطيين هو ختم الكتاب بقطعة من الطين منقوش عليها اسم الكاتب او ما شابه ذكر ما ذكره
ثم تحدث عن الخاتم فقال :
“الخاتم:
يقال: خاتم وخاتم وخاتام وخيتام وخاتيام
وأنشدوا في الخيتام:
ولقد وعدت وأنت أكرم واعد لا خير في وعد بغير تمام
إن الأمور حميدها وذميمها في الناس مثل عواقب الخيتام
وأنشدوا في الخاتيام:
أخذت من سعداك خاتياما
لموعد يكسبك الآثاما
وتقول: نظرت إلى الكتب فأختمتها أي: وجدتها مختومة كقولك: أبخلت الرجل: وجدته بخيلا ويقال في الختم: الختام ولا يقال: الخاتم ”
نفس الأمر السابق وهو عدم فهم شىء عن علاقة الكتاب بالخاتم والخاتم هو نقش يكون على الكتاب دليل على ملكية صاحب الخاتم للكتاب أو ملكية المكتبة له أو دليل على اسم الكاتب
ثم تكلم عن القراءات فقال :
“القراءات ووجوهها
يقال: قرأت الكتاب أقرؤه قراءة وأنا قارئ وهو كتاب مقروء وإذا أمرت قلت: اقرأ هذا الكتاب فإن لقي الفعل ألفا ولاما كسرت الهمزة فقلت: اقرأ الكتاب وأصل القراءة جمع بعض الحروف إلى بعض وإنما سمي (القرآن) قرآنا لاجتماع بعض سوره على بعض قال الله تعالى: (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) أي: إذا جمعناه فاتبع جمعه ويقال: إذا ألفناه وقال أبو عبيدة: تقول: قد قرأ البعير العلف إذا جمعه في شدقه قال عمرو بن كلثوم:
ذراعي حرة أدماء بكر هجان اللون لم تقرأ جنينا
أي: لم تجمعه في رحمها ومنه قولهم: “ما قرأت الناقة سلى قط” أي: لم تجمعه ولم تشتمل عليه والسلى: الجلدة الرقيقة تكون على رأس المولود إذا خرج من بطن أمه ومنه قولهم للحوض: مقراة لأنه يجمع فيه الماء ومنه سميت القرى لأنها مجامع الناس الذين ينزلونها ”
لم يعرفنا هنا القراءات ولا وجوهها وإنما استطرد كما هى العادة وعرف الماء بالماء كما يقال فالقراءات هى طرق يختلف فيها نطق الكلمة مع كون رسمها الكتابى واحد بالكسر أو الفتح أو الضم أو الجزم
ثم عرف الديوان فقال :
“الديوان
ديوان أصله دوان كذلك الدينار والقيراط: دنار وقراط فكرهوا التضعيف والكسرة فأبدلوا من المضاعف الأول الياء للكسرة فإذا زالت الكسرة واتصل أحد الحرفين من الآخر رجع التضعيف فقلت: دنينير وقريريط ودويوين قال الأصمعي: والديوان أعجمي في الأصل عربته العرب وكان أصله “أي ديوانه” وأول من قال ذا كسرى وكان أمر الكتاب أن يجتمعوا في داره ويعملوا حساب السواد في ثلاثة أيام وأعجلهم في ذلك وأخذوا فيه فاطلع عليهم فرأى قوما يحسبون كأسرع ما يكون من الحساب ويكتبون فعجب من سرعة حركتهم فقال: “أي ديوانه” أي هؤلاء شياطين وسمي موضعهم ديوانا فاستعملت العرب هذا الاسم حتى جعلوا لكل محصل مجموع من شعر أو كلام أو حساب ديوانا والعون من أعوان الديوان مشتق من الإعانة تقول: أعنته أعينه إعانة ومعونة فجعل العون اسما للمعين وجمعه أعوان ”
الرجل ذكر أصل كلمة ديوان اللغوى وأول من نطق به والمفترض ان يبين له ما يريده بذكره وهو :
أن الديوان هو مكان تجمع الكتبة لكتابة أمر ما يهم الناس
ثم ذكر التاريخ فقال :
“التاريخ:
تقول: أرخت الكتاب وأؤرخه تأريخا وهو كتاب مؤرخ، مهموز، وأنا مؤرخ وورخته أورخه توريخا وهو مورخ بغير همز وأنا مورخ وأرخته بالتخفيف أرخه أرخا وهو كتاب مأروخ وأنا آرخ على مثال فاعل وإذا أمرت قلت: أرخ الكتاب تاريخا وإذا أمرت من: ورخت قلت: ورخ الكتاب توريخا وإذا أمرت من: أرخت مخففة قلت: رخ الكتاب ريخا وللاثنين ريخا وللجمع: ريخوا ”
هل فهم القارىء معنى التاريخ من الفقرة ؟
اعتقد أنه لم يفهم شىء فبدلا من أن يقول ببساطة تأريخ الكتاب يعنى كتابة اليوم والشهر والسنة وأحيانا الدقيقة والساعة فى موضع من الصفحة المكتوبة أدخلنا فى مشتقات الكلمة دون توضيح
ومن ثم فهذا الكتاب ليس عن الخط والقلم وإنما هو أضلال للناس لم يكتبه ابن قتيبة وإنما كتبه أحد الكفار ونسبه لذلك الاسم فالكتاب لن يستفيد منه القارىء شىء وإنما هو تضييع لوقت القارىء فالمسلم عندما يكتب كتابا لابد أن يكون مفيدا كتابا يعلم المسلمين شيئا